قصة دارت أحداثها بمصر المحروسة في بضع سنين لكنها تركت بصمات تم تناقلها عبر العصور حتى وصلت الينا، نشتم رائحتها، نستشف طبيعتها، نروى حواديتها، نتواصل مع أحداثها، نأخذ من خلالها العبرة وننقل لغيرنا العظة.
قصر الأمير طاز، بناية شامخة صامتة. كم قسى عليها الدهر، ولم يترفق بها البشر.. ثلاث سنوات وشهور قلائل شهدت نشأتها وسكني سيدها وآل بيته فيها، ثم تبدل حالها حيث هُجرت ليتوالى عليها ساكنوها.
مشاهد كثيرة وأحداث توالت، وأبطال كانت لهم صدارة الأحداث، وأشباح على هامش الأحداث قفزوا ليتصدروا الأحداث، أدوار وزعها القدر لم يكن لها حسابات، وصراعات برزت على الساحة، ومؤامرات حُبكت، ورؤوس طارت، وأجساد مُزقت، وفي غمرة هذه الأحداث، طبول دُقت، ودفوف نقرت، وأبواقً نُفخت، وموائد مُدت وزينات عُلقت.
الخليفة الحاكم بأمر الله العباسي ومن بعده أخوه المعتضد – السلطان حسن بن الناصر محمد بن قلاوون وإخوته – الأمير شيخو – الأمير طاز – الأمير صرغتمش – الأمير منجك.
أسماء صنعت الأحداث وصنعتها الأحداث، وكانت تشكل المسرح السياسي المصري لحقبة من التاريخ أقل ما توصف به – الفوضى. وشعارها "السلطان المملوك والمملوك السلطان". هناك مشهد اعتدنا عليه حيث تكرر ثماني مرات في أربعة عشر عاماً (741هـ:755هـ) وفيه تصحو مصر على صخب وهياج سرعان ما يتحول
الى موكب عظيم يتقدمه الخليفة العباسي والسلطان الذي أحضر من محبسه وقاضي القضاة والأمراء وسائر أرباب الدولة في ركابهم حتى يجلس السلطان على تخت الملك ويبايعه الخليفة ويُقبل الجميع له الأرض.
وحتى لا نغرق في أمواج الأحادث المتلاطمة، ننتحي جانبا". ونسلط الأضواء على الأمير طاز وقصره الذي وصفته المصادر المعاصرة له بأنه كان كان قصراً مشيداً واصطبلاً كبيراً.