الأمـيـر طـاز

منشئ هذا القصر الأمير سيف الدين عبد الله طاز بن قطغاج، أحد الأمراء البارزين لعصر دولة المماليك البحرية.

كان حسن الشكل، طويل القامة، بطلا شجاعا محباً للعلماء كثير الخيرات، على الهمة ، قوي العزم، وافر التجمل، ظاهر الحشمة.

بدأ نجمه في الصعود خلال حكم الصالح إسماعيل بن الناصر محمد (743-746هـ/ 1343-1345) حتى أصبح في عهد أخيه المظفر حاجي واحداً من أمراء الحل والعقد الذين كانت بيدهم مقاليد الدولة ثم زادت وجاهته خلال فترتي حكم الناصر حسن بن الناصر محمد الأولى من (748هـ/1347م) إلى (752هـ/1351م) والثانية من (755هـ/1354م) إلى (762هـ/1361) ومالبث أن جعله دوادار دولته ثم ولاه نيابة حلب.

ولكنه خرج على السلطان ، فثار عليه أمراء حلب حتى هزم و عزل عن نيابتها، وأُمر بكحل عينه فعُمى واعتقل بالكرك ثم نُقل إلى الأسكندرية فسجن بها حتى افرج عنه الأمير يلبغا فعاد إلى القدس ومنها دمشق في أواخر سنة (762هـ/1360م) وظل بها حتى مات في العشرين من ذي الحجة سنة (763هـ/1361).

الموقع

لم يكن الموقع الذي أختير للقصر قد أختير بالمصادفة ولكنه أختير نظراً لقيمته المكانية حيث بنى بشارع من أهم شوارع مصر المملوكية أنذاك وقد بنى القصر على أنقاض بيوت أشتراها الأمير طاز من أهلها أو أخذه عنوة، وأشرف الأمير منجك على عمارة القصر بنفسه كما تشير المصادر التاريخية.

كان لهذا الموقع أكبر الأثر في مراقبة الحياة السياسية بمصر والمشاركة في أحداثها آنذاك حيث شهد حادثة لم تحدث من قبل وهى نزول السلطان من مقر حكمه ليفتتح هذا القصر، وقد كانت هذه سابقة لم تحدث من قبل، كما أنه شاهد تدبير الأحداث التي توالت لإزاحة وتولية السلاطين أبناء الناصر محمد بن قلاوون.

كما شهد الفتنة التي كانت بين المماليك السلطانية وبين مماليك الأمير الكبير جارقطلوا:

الفتنة الأولى سنة (896هـ/1489م) وسببها أن المماليك الجلبان ضربت بعض مماليك جارقطلوا والذي دافع عن نفسه وشج رأس أحد المماليك السلطانية فتجمعوا على المملوك الذي هرب الى دار أستاذه (قصر طاز) واحتمى به وتجمع المماليك وترددوا على باب طاز أكثر من مرة وسار الخوف في كل مكان بشارع السويفية من وقع الفتنة، وتجمع المماليك أسفل القلعة واتفقوا على قتل جارقطلوا ومماليكه فخاف الناس وغلقت الأسواق كما أغلقت الدروب وانتشر قطاع الطرق وأرسل الأشرف برسباي الى المتقاتلين يأمرهم بالا يستمروا في القتال ولم ينصتوا إليه وسار الجميع الى قصر طاز، وكان الأمير قطلوا قد أغلق باب القصر وتجمع مماليكه على طبلخاناته فوق باب الدار لكي يمنعوا المماليك السلطانية من أن يكسروا باب القصر أو يحرقوه وترامى الفريقان بالنشاب ولم يقدر المماليك الأجلاب طوال اليوم على هزيمة جارقطلوا مما يدل على مناعة قصر الأمير طاز آنذاك.

وقد كان قصر الأمير طاز مقراً لنزول الباشوات المعزولين عن حكم مصر. ففي عام (122هـ/1709م) نزل باشا مصر الوزير خليل بالقصر، كما نزل به ايضاً ولي باشا المتولي لباشوية مصر عام (123هـ/ 1713م)